ضريبة الدمغة وضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة المصرية
ضريبة الدمغة وضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة المصرية: الواقع والمستقبل
مدونة التاجر
لطالما شكّلت الضرائب المفروضة على تعاملات البورصة المصرية أحد أبرز الموضوعات التي تشغل المستثمرين، سواء الأفراد أو المؤسسات. في هذا المقال، نستعرض بصورة تحليلية ضريبة الدمغة وضريبة الأرباح الرأسمالية، ونقارن بينهما من حيث التأثير، ونرصد آخر المستجدات الحكومية بشأن هذه الضرائب، بالإضافة إلى آراء الخبراء حول مستقبلها وتأثيرها على سوق المال المصري.
أولاً: ما هي ضريبة الدمغة؟
ضريبة الدمغة هي نوع من الضرائب غير المباشرة تُفرض على التعاملات المالية، وتُحصّل عند تنفيذ كل عملية بيع أو شراء للأسهم في البورصة المصرية. وقد كانت هذه الضريبة تُفرض بصرف النظر عن تحقيق أرباح أو خسائر، مما أثار العديد من الانتقادات.
حتى نهاية عام 2021، كانت ضريبة الدمغة تطبّق على المستثمرين الأفراد بنسبة 1.5 في الألف على كل من البيع والشراء (أي 3 في الألف مجمعة)، وعلى المؤسسات بنسبة أقل. وقد تم تخفيضها في السنوات الأخيرة لتحفيز النشاط الاستثماري.
تطور ضريبة الدمغة في البورصة المصرية:
- 2013: تم فرض الضريبة لأول مرة على صافي الأرباح بنسبة 10% ثم تم استبدالها بضريبة الدمغة.
- 2017: تم فرض ضريبة دمغة تدريجية بدأت من 1.25 في الألف.
- 2020: تم تخفيض الضريبة على الأفراد إلى 1.5 في الألف وعلى المؤسسات الأجنبية إلى 1.25 في الألف.
- 2022: أُعلنت نية الحكومة إلغاء ضريبة الدمغة تدريجيًا لتخفيف العبء على المتداولين.
ثانيًا: ما هي ضريبة الأرباح الرأسمالية؟
ضريبة الأرباح الرأسمالية تُفرض على صافي الربح المتحقق من بيع الأوراق المالية، أي الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع، بشرط أن يكون هناك ربح محقق فعليًا. هذه الضريبة تُعد أكثر عدالة مقارنة بضريبة الدمغة، لأنها تستهدف فقط من يحققون أرباحًا بالفعل.
تبلغ نسبة هذه الضريبة 10% من صافي الأرباح المحققة، وتُخصم مرة واحدة في نهاية السنة المالية، بعد تقديم المستثمر لإقراره الضريبي. وتُعفى التعاملات في البورصات الخارجية من هذه الضريبة إذا لم يكن المستثمر مقيمًا في مصر.
الفروق الجوهرية بين الضريبتين:
العنصر | ضريبة الدمغة | ضريبة الأرباح الرأسمالية |
---|---|---|
طريقة التطبيق | عند كل عملية بيع أو شراء | على صافي الأرباح السنوية |
العدالة الضريبية | غير عادلة (تفرض في الربح والخسارة) | عادلة (تُفرض عند الربح فقط) |
النسبة المقررة | 1.5 في الألف | 10% من صافي الربح |
سهولة التحصيل | سهلة وفورية | معقدة نسبيًا وتتطلب محاسبة دقيقة |
ثالثًا: التحول من ضريبة الدمغة إلى الأرباح الرأسمالية
بناءً على مطالبات متكررة من المستثمرين وخبراء سوق المال، أعلنت الحكومة المصرية في نهاية عام 2021 عن نيتها إلغاء ضريبة الدمغة تدريجيًا، واستبدالها بالكامل بضريبة الأرباح الرأسمالية بحلول عام 2022. وقد تم تنفيذ هذا القرار رسميًا اعتبارًا من يناير 2022.
وجاء هذا القرار ضمن حزمة من الحوافز الضريبية لتشجيع الاستثمار في البورصة المصرية، في وقت كانت تعاني فيه السوق من تراجع في السيولة وهروب استثماري جزئي بسبب الأعباء الضريبية.
ردود الأفعال:
- المستثمرون الأفراد: رحّبوا بإلغاء ضريبة الدمغة، لكن أعربوا عن مخاوفهم من تعقيدات احتساب الأرباح الرأسمالية.
- شركات السمسرة: طالبت بآلية إلكترونية عادلة لاحتساب الضريبة لتفادي الأخطاء.
- الهيئة العامة للرقابة المالية: أطلقت مبادرات توعية لتعليم المستثمرين كيفية احتساب وتقديم الإقرار الضريبي.
رابعًا: هل الضريبة الجديدة مناسبة للمستثمرين؟
يرى العديد من الخبراء أن ضريبة الأرباح الرأسمالية أكثر عدالة من ضريبة الدمغة، لأنها تستهدف من يحقق عائدًا فعليًا من التداول، ما يشجّع على الاستثمار طويل الأجل ويدفع المتداولين إلى التخطيط المالي المدروس.
لكن يظل التحدي الرئيسي هو وجود بنية تحتية إلكترونية متقدمة تساعد المستثمرين وشركات الوساطة على احتساب وتوريد الضريبة بدقة وسلاسة.
خامسًا: مقارنة دولية – كيف تتعامل البورصات العالمية؟
عند النظر إلى الأسواق العالمية، نجد أن فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية أمر شائع، لكن نادرًا ما تُفرض ضريبة دمغة على التعاملات المالية.
- الولايات المتحدة: تطبق ضريبة أرباح رأسمالية بنسبة تبدأ من 0% وتصل إلى 20% حسب مدة الاستثمار والدخل السنوي.
- بريطانيا: تفرض ضريبة أرباح رأسمالية مع إعفاء أول 12,300 جنيه إسترليني من الأرباح سنويًا.
- دبي وسنغافورة: لا تفرض أية ضرائب على الأرباح الرأسمالية أو الدمغة، ما جعلها ملاذًا ضريبيًا للمستثمرين.
وبذلك، فإن البورصة المصرية تسير في اتجاه أكثر توافقًا مع المعايير الدولية بإلغاء ضريبة الدمغة وتفعيل ضريبة الأرباح فقط.
سادسًا: التحديات الحالية والمقترحات
رغم التحول الإيجابي نحو ضريبة عادلة، لا تزال هناك تحديات قائمة، من بينها:
- غياب الثقافة الضريبية لدى العديد من المستثمرين الأفراد.
- صعوبة تتبع تكلفة الشراء الحقيقية للأسهم خاصة للمستثمر النشط.
- الحاجة إلى أنظمة إلكترونية سهلة الربط بين البورصة ومصلحة الضرائب.
وقد اقترح بعض الخبراء تطبيق إعفاءات ضريبية سنوية على أول شريحة من الأرباح (مثلاً 5000 جنيه) لتشجيع صغار المستثمرين، أو تخفيض الضريبة إلى 5% في حالة الاحتفاظ بالسهم لأكثر من سنة.
سابعًا: توقعات مستقبلية
من المتوقع أن تستقر منظومة الضرائب في البورصة المصرية خلال العامين المقبلين، مع اعتماد المنظومة الإلكترونية الجديدة لاحتساب وتوريد ضريبة الأرباح الرأسمالية. ومن شأن ذلك تعزيز الثقة في السوق وتحقيق مزيد من الشفافية.
وقد صرّح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في عدة مناسبات أن الحكومة لا تستهدف تعقيد الاستثمار، بل تسعى لتطبيق عدالة ضريبية دون إرهاق المستثمر.
خاتمة
بين ضريبة الدمغة التي رحلت، وضريبة الأرباح الرأسمالية التي تحاول ترسيخ نفسها كخيار عادل، يعيش المستثمر المصري مرحلة انتقال ضريبي حساسة. ومع الدعم الحكومي، وتعاون الجهات التنظيمية، وتحسين البنية التحتية الرقمية، قد تكون هذه فرصة حقيقية لبناء سوق أكثر جاذبية وكفاءة في المستقبل.
وفي ظل المنافسة الإقليمية، تظل الضريبة مجرد عنصر من عناصر البيئة الاستثمارية، لكن تفعيلها بشكل عادل وشفاف هو ما يصنع الفارق.
تابع معنا على مدونة التاجر كل جديد حول أخبار البورصة، وتحليلات فنية، وتطورات السياسات الضريبية.
الانضمام إلى المحادثة